البراق: القطار الفائق السرعة الذي يغير ملامح النقل في المغرب

بِسْــــــــــــــــمِ اﷲِالرَّحْمَنِ الرَّحِيم

 


المرحلة الاولى اطلاق قطار فائق السرعة بين طنجة و البيضاء

في خطوة طموحة نحو تحديث البنية التحتية للنقل، أطلق المغرب أول قطار فائق السرعة في إفريقيا، المعروف باسم البراق. هذا القطار، الذي يربط بين مدينتي طنجة والدار البيضاء مرورًا بالرباط والقنيطرة، يُعد إنجازًا تاريخيًا يعكس رؤية المملكة للتنمية المستدامة والتقدم التكنولوجي. في هذا المقال، سنستعرض تفاصيل مشروع البراق، أهميته، وتأثيره على المغرب اقتصاديًا واجتماعيًا.

ما هو قطار البراق؟

البراق هو قطار فائق السرعة يصل إلى سرعة قصوى تبلغ 320 كيلومترًا في الساعة على المسار بين طنجة والقنيطرة، مما يجعله من بين أسرع القطارات في العالم. تم تدشينه رسميًا في 15 نوفمبر 2018 بحضور الملك محمد السادس والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ويُشرف على تشغيله المكتب الوطني للسكك الحديدية (ONCF). يمتد الخط السككي على مسافة 350 كيلومترًا، ويختصر زمن الرحلة بين طنجة والدار البيضاء من 4 ساعات و45 دقيقة إلى ساعتين و10 دقائق فقط.

مواصفات القطار

  • السرعة: 320 كم/س بين طنجة والقنيطرة، و160 كم/س بين القنيطرة والدار البيضاء.

  • الأسطول: 12 قطارًا من طراز يورو ديبليكس من إنتاج شركة ألستوم الفرنسية، بسعة 533 راكبًا لكل قطار.

  • المحطات: محطات مخصصة تشمل طنجة المدينة، الرباط أكدال، القنيطرة، والدار البيضاء المسافرين.

  • الراحة: مقاعد مريحة، درجة أولى وثانية، مقصف، وخدمات متطورة مثل شاشات تعرض سرعة القطار والمحطات.

قصة البراق: من الفكرة إلى الواقع

بدأت فكرة إنشاء خط قطار فائق السرعة في المغرب عام 2006، عندما قدم المكتب الوطني للسكك الحديدية مخططًا طموحًا لبناء 1500 كيلومتر من الخطوط فائقة السرعة. في عام 2007، أُعلن عن المشروع خلال زيارة الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي، حيث دخلت شركة ألستوم الفرنسية كشريك رئيسي. تأخرت الأشغال حتى عام 2018 بسبب تعقيدات نزع ملكية الأراضي، لكن الجهود تكللت بالنجاح مع تدشين الخط الأول.


 

التمويل

بلغت تكلفة المشروع حوالي 23 مليار درهم (نحو 2 مليار يورو)، وتم تمويله كالتالي:

  • فرنسا: 51% عبر قروض.

  • المغرب: 28%.

  • صناديق عربية (السعودية، الكويت، الإمارات): 21%.


     

أهمية البراق

1. اقتصاديًا

  • تعزيز السياحة: يسهل التنقل السريع بين طنجة، وجهة سياحية عالمية، والدار البيضاء، المركز الاقتصادي للمغرب، مما يعزز السياحة.

  • زيادة عدد المسافرين: بحلول عام 2019، نقل البراق 3 ملايين مسافر، ويتوقع المكتب الوطني للسكك الحديدية الوصول إلى 6 ملايين مسافر سنويًا.

  • دعم النمو الاقتصادي: يربط البراق بين القطبين الاقتصاديين للمملكة، مما يسهم في تنشيط التجارة والاستثمار.

2. بيئيًا

يعتمد البراق على الطاقة المتجددة بنسبة 25%، مع خطط لزيادتها إلى 50% بحلول عام 2026. يساهم القطار في تقليل الانبعاثات الكربونية بما يعادل زراعة 4 ملايين شجرة سنويًا، مما يدعم أهداف المغرب لتحقيق الحياد الكربوني بحلول 2030.

3. اجتماعيًا

  • اختصار الوقت: يوفر البراق وقتًا ثمينًا للمسافرين، خاصة المهنيين والطلاب.

  • أسعار مناسبة: تتراوح أسعار التذاكر بين 5 و40 دولارًا، مع خصومات للحجز المسبق وبطاقات اشتراك مثل بطاقة البراق ديما التي تتيح رحلات غير محدودة (مثل 5990 درهمًا شهريًا للدرجة الثانية من طنجة إلى الدار البيضاء).

  • تحسين جودة الحياة: يوفر تجربة سفر مريحة وحديثة، مما يعزز رضا المواطنين.

مستقبل البراق

يواصل المغرب توسيع شبكة القطارات فائقة السرعة. في 2023، وقّع المغرب اتفاقية مع الإمارات لربط طنجة بمراكش عبر خط جديد بطول 430 كيلومترًا، بتكلفة 53 مليار درهم، سيختصر الرحلة إلى حوالي 3 ساعات. كما أعلن المغرب في 2025 عن صفقة مع شركة ألستوم لشراء 18 قطارًا إضافيًا من طراز Avelia Horizon TGV بقيمة 781 مليون يورو، مع تصنيع جزئي محلي، مما يعزز نقل التكنولوجيا إلى المغرب.


 

المرحلة الثانية لقطار البراق: انطلاقة ملكية لربط القنيطرة بمراكش وفاس

 

في خطوة استراتيجية تعكس رؤية المغرب الطموحة لتطوير البنية التحتية وتعزيز التنقل المستدام، أشرف جلالة الملك محمد السادس، يوم الخميس 24 أبريل 2025، بمحطة الرباط أكدال، على إعطاء انطلاقة أشغال المرحلة الثانية لمشروع القطار الفائق السرعة "البراق". هذا المشروع الضخم، الذي يربط بين القنيطرة ومراكش مع خطة لخدمة فاس، يمثل نقلة نوعية في منظومة النقل السككي بالمغرب، ويعزز مكانة المملكة كرائدة قارية في هذا المجال. في هذا المقال، نستعرض تفاصيل هذا المشروع، أهميته، وتأثيره على الاقتصاد والمجتمع المغربي.

تفاصيل المشروع

يمتد الخط السككي الجديد فائق السرعة بين القنيطرة ومراكش على مسافة 430 كيلومترًا، ويتم تصميمه ليعمل بسرعة تصل إلى 350 كيلومترًا في الساعة. كما يشمل المشروع خطة لربط فاس بمراكش عبر استخدام القطارات فائقة السرعة على الخطوط التقليدية حتى شمال القنيطرة، ثم مواصلة الرحلة عبر الخط الجديد. وفقًا للمكتب الوطني للسكك الحديدية (ONCF)، سيُحدث هذا الخط ثورة في زمن الرحلات، حيث:

  • تقلص مدة السفر من طنجة إلى مراكش إلى ساعتين و40 دقيقة بدلاً من أكثر من 5 ساعات حاليًا.

  • ربط الرباط بمطار محمد الخامس الدولي في 35 دقيقة فقط، مع توقف في الملعب الكبير ببنسليمان.

  • ربط فاس بمراكش في زمن يناهز 3 ساعات و40 دقيقة.

مكونات المشروع

  • البنية التحتية: إنشاء خط سككي جديد بمعايير عالمية، مع تحديث المحطات الرئيسية في الرباط، الدار البيضاء، ومراكش، وبناء محطات جديدة في تمارة، الصخيرات، بنسليمان، والنواصر.

  • مركز صيانة: إقامة مركز صيانة متطور في مراكش لضمان كفاءة واستدامة القطارات.

  • الأسطول: اقتناء 168 قطارًا جديدًا بتكلفة 29 مليار درهم، بما في ذلك قطارات فائقة السرعة من شركة ألستوم الفرنسية، وقطارات جهوية من شركات مثل هيونداي روتيم الكورية وكاف الإسبانية.

  • قطارات القرب الحضرية: تطوير خدمات نقل حضرية في الرباط، الدار البيضاء، ومراكش لتلبية احتياجات التنقل اليومي.

التمويل والشراكات

يبلغ الاستثمار الإجمالي للمشروع حوالي 96 مليار درهم (نحو 10 مليارات دولار)، موزعة كالتالي:

  • 53 مليار درهم لإنشاء الخط الجديد.

  • 29 مليار درهم لتحديث وتجديد الأسطول.

  • 14 مليار درهم لتطوير شبكات النقل الحضري.

يتم تمويل المشروع عبر شراكات دولية، بما في ذلك:

  • الإمارات العربية المتحدة: مساهمة مالية كبيرة عبر قروض ميسرة وصناديق سيادية، كجزء من الاتفاقيات الموقعة خلال زيارة جلالة الملك محمد السادس إلى الإمارات في ديسمبر 2023.

  • فرنسا: تقديم الخبرة التقنية عبر شركة ألستوم وكولاس ريل، مع عقود بقيمة تزيد عن 430 مليون يورو لتنفيذ أشغال البنية التحتية.

  • كوريا الجنوبية وإسبانيا: توريد قطارات جهوية وداخلية عبر شركتي هيونداي روتيم وكاف.

الأهمية الاقتصادية والاجتماعية

1. اقتصاديًا

  • خلق فرص العمل: سيوفر المشروع 70 مليون يوم عمل و3700 منصب شغل دائم خلال فترة الإنجاز، مما يعزز سوق العمل المحلي.

  • تعزيز السياحة والتجارة: ربط المدن السياحية والاقتصادية الكبرى مثل مراكش والدار البيضاء سيسهل حركة السياح والأعمال، خاصة مع اقتراب استضافة كأس العالم 2030.

  • تصنيع محلي: نسبة 40% من التصنيع المحلي في القطارات والبنية التحتية ستعزز الصناعة الوطنية ونقل التكنولوجيا.

2. اجتماعيًا

  • اختصار زمن السفر: سيوفر الخط وقتًا ثمينًا للمسافرين، مما يحسن جودة الحياة ويسهل التنقل بين المدن الكبرى.

  • تحسين التنقل الحضري: خدمات قطارات القرب الحضرية ستلبي احتياجات سكان المدن الكبرى، مما يقلل الازدحام المروري.

  • أسعار تنافسية: استنادًا إلى تجربة البراق الأول، من المتوقع أن تكون تكلفة التذاكر معقولة، مع خيارات مثل بطاقات الاشتراك الشهرية.

3. بيئيًا

يعتمد المشروع على معايير الاستدامة، مع التركيز على تقليل الانبعاثات الكربونية من خلال استخدام الطاقة المتجددة في تشغيل القطارات. كما سيسهم في تقليل الاعتماد على السيارات، مما يدعم أهداف المغرب لتحقيق الحياد الكربوني بحلول 2030.


مستقبل المشروع

يُعد هذا الخط جزءًا من رؤية أوسع لتوسيع شبكة القطارات فائقة السرعة لتصل إلى 630 كيلومترًا، مما سيجعل المغرب من بين الدول التي تمتلك أطول شبكات السكك الحديدية فائقة السرعة في العالم. كما يخطط المكتب الوطني للسكك الحديدية لتمديد الشبكة إلى مدن أخرى مثل أكادير في المستقبل، مما سيعزز الربط بين شمال وجنوب المملكة.


تُجسد المرحلة الثانية لقطار البراق رؤية جلالة الملك محمد السادس لمغرب حديث ومتصل، حيث يصبح النقل السككي العمود الفقري للتنمية المستدامة. مع التركيز على السرعة، الراحة، والاستدامة، يعيد هذا المشروع رسم خريطة التنقل في المغرب، ويعزز مكانته كمركز إقليمي وقاري. ننتظر بفارغ الصبر اكتمال هذا الإنجاز العملاق، وندعوكم لمشاركة آرائكم: هل تعتقدون أن هذا المشروع سيغير وجه التنقل في المغرب؟

 


يُعد قطار البراق رمزًا للحداثة والطموح في المغرب، حيث يجمع بين السرعة، الراحة، والاستدامة. مع خطط التوسع المستقبلية، يتجه المغرب نحو بناء شبكة نقل سككي متطورة تربط مدنه الرئيسية، مما يعزز مكانته كمركز إقليمي للنقل والاقتصاد. إذا كنت تخطط لزيارة المغرب، فلا تفوت تجربة السفر على متن البراق لتشهد بنفسك هذا الإنجاز الرائع!

هل جربت السفر على متن البراق؟ شاركنا تجربتك في التعليقات!

اشترك في قناتنا على اليوتيوب ❤ × +
ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلْعَٰلَمِين

إرسال تعليق

أحدث أقدم