رحلة سياحية في إقليم خنيفرة: عيون أم الربيع وجمال بحيرات الأطلس

بِسْــــــــــــــــمِ اﷲِالرَّحْمَنِ الرَّحِيم

 


يُعد إقليم خنيفرة، الواقع في قلب جبال الأطلس المتوسط بالمغرب، وجهة سياحية ساحرة تجمع بين الطبيعة البكر، المناظر الجبلية الخلابة، والتراث الثقافي الأمازيغي العريق. تُعرف المنطقة باسم "جنة المياه" بفضل منابعها العذبة، بحيراتها المتلألئة، وغاباتها الكثيفة. في هذا المقال، سنأخذكم في رحلة سياحية ممتعة عبر إقليم خنيفرة، نستكشف فيها عيون أم الربيع، بحيرة أكلمام أزكزا، بحيرة ويوان، وشالالات زاوية إفران، مع نصائح عملية لجعل تجربتكم لا تُنسى. إذا كنت من عشاق الطبيعة، المغامرات، أو الهدوء، فإن خنيفرة تنتظرك بأحضانها الخضراء.

اليوم الأول: عيون أم الربيع - منبع الحياة

وجهتنا الأولى: عيون أم الربيع

تبدأ رحلتنا من مدينة خنيفرة، عاصمة الإقليم، باتجاه عيون أم الربيع، أحد أجمل المعالم الطبيعية في المغرب. تقع هذه العيون على بعد حوالي 50 كيلومترًا غرب خنيفرة، في منطقة أكردوس، وتُعد المصدر الرئيسي لنهر أم الربيع، ثاني أطول نهر في المغرب. تتكون العيون من حوالي 47 عين ماء، أكثر من 20 منها مالحة والباقي عذبة، مما يخلق ظاهرة طبيعية فريدة تجمع بين المياه العذبة والمالحة في مكان واحد.

عند الوصول، ستنبهر بالمناظر الطبيعية حيث تتدفق المياه من بين الصخور الجيرية، محاطة بغابات الأرز والبلوط. المنطقة مثالية للتنزه، التصوير، وحتى التأمل في هدوء الطبيعة. يمكنك السير على المسارات المحيطة بالعيون، أو الجلوس بالقرب من الشلالات الصغيرة التي تتشكل من تدفق المياه. في فصل الربيع، تكتسي المنطقة بحلة خضراء مزينة بالزهور البرية، مما يجعلها لوحة طبيعية ساحرة.


 

أنشطة في عيون أم الربيع

  • المشي لمسافات طويلة: استكشف المسارات المؤدية إلى العيون العليا، حيث تتيح لك إطلالات بانورامية على الوديان المحيطة.

  • التصوير الفوتوغرافي: التقط صورًا للشلالات والمروج الخضراء، خاصة عند شروق أو غروب الشمس.

  • التخييم: إذا كنت من عشاق التخييم، يمكنك قضاء الليلة في المنطقة باستخدام معداتك الخاصة، مع مراعاة النظافة.

  • التعرف على الثقافة المحلية: توقف عند القرى القريبة مثل قرية أكردوس لتذوق الأطباق المحلية، مثل طاجين الخضروات أو الكسكس بالعسل.

نصيحة سياحية: ارتدِ أحذية مريحة مناسبة للمشي على التضاريس الصخرية، وأحضر معك زجاجة ماء قابلة لإعادة الملء لتجربة المياه العذبة مباشرة من العين.


 

اليوم الثاني: بحيرة أكلمام أزكزا - جوهرة الأطلس

التوجه إلى بحيرة أكلمام أزكزا

في اليوم الثاني، ننطلق نحو بحيرة أكلمام أزكزا، التي تقع على بعد حوالي 30 كيلومترًا من خنيفرة، في قلب المنتزه الوطني لخنيفرة. تُعد هذه البحيرة واحدة من أجمل البحيرات الطبيعية في المغرب، وتحيط بها غابات الأرز الكثيفة وجبال الأطلس المتوسط. اسم "أكلمام" يعني "البحيرة" بالأمازيغية، و"أزكزا" يشير إلى اللون الأخضر، وهو وصف دقيق لمياهها الصافية التي تعكس الخضرة المحيطة.

عند وصولك، ستجد نفسك أمام مشهد يشبه البطاقات البريدية: مياه زرقاء مائلة إلى الخضرة، محاطة بأشجار الأرز الشاهقة، مع خلفية جبلية تضيف سحرًا للمكان. البحيرة هادئة ومناسبة للعائلات، حيث يمكن للزوار الاستمتاع بالهدوء بعيدًا عن صخب المدن.


 

أنشطة في بحيرة أكلمام أزكزا

  • التنزه حول البحيرة: يوجد مسار دائري يتيح لك استكشاف محيط البحيرة، مع فرصة مشاهدة الطيور المهاجرة مثل البط البري.

  • ركوب الزوارق: تتوفر زوارق صغيرة للإيجار، مما يتيح لك تجربة التجديف وسط المياه الهادئة.

  • النزهات العائلية: تُعد البحيرة مكانًا مثاليًا للنزهات، حيث يمكنك إعداد وجبة خفيفة وسط الطبيعة.

  • مشاهدة الحياة البرية: المنطقة موطن لقرود المكاك البربرية، التي قد تراها تتسلق الأشجار القريبة.

نصيحة سياحية: أحضر معك معطفًا خفيفًا، حيث قد تكون الأجواء باردة في الصباح أو المساء، خاصة في الخريف. كما يُفضل زيارة البحيرة في أيام الأسبوع لتجنب الزحام.


 

اليوم الثالث: بحيرة ويوان - سحر البحيرات الخفية

استكشاف بحيرة ويوان

في اليوم الثالث، نتوجه إلى بحيرة ويوان، التي تقع على بعد حوالي 70 كيلومترًا من خنيفرة، ضمن المنتزه الوطني لخنيفرة. تُعد ويوان واحدة من البحيرات الأقل شهرة، مما يجعلها ملاذًا مثاليًا لمحبي الهدوء والطبيعة البكر. تحيط بالبحيرة غابات الصنوبر والبلوط، وتوفر إطلالات رائعة على قمم الأطلس المتوسط.

مياه البحيرة صافية وتعكس السماء الزرقاء، مما يجعلها وجهة مثالية للتصوير الفوتوغرافي. على عكس أكلمام أزكزا، تتميز ويوان بأجوائها المنعزلة، حيث يمكنك الشعور وكأنك اكتشفت كنزًا مخفيًا. المنطقة أيضًا غنية بالتنوع البيولوجي، مع وجود نباتات نادرة وحيوانات مثل الخنازير البرية والثعالب.


 

أنشطة في بحيرة ويوان

  • المشي لمسافات طويلة: تتوفر مسارات جبلية تربط البحيرة بالمناطق المجاورة، تناسب محبي المغامرات.

  • التخييم: يمكنك نصب خيمتك بالقرب من البحيرة لقضاء ليلة تحت النجوم، مع مراعاة الحفاظ على نظافة المكان.

  • مراقبة الطيور: البحيرة موطن لأنواع مختلفة من الطيور، مما يجعلها مثالية لهواة علم الطيور.

  • الاسترخاء: استمتع بالهدوء مع كتاب أو وجبة خفيفة بجانب الماء.

نصيحة سياحية: تأكد من إحضار خريطة أو استخدام تطبيق GPS، حيث قد تكون الطرق المؤدية إلى ويوان غير معبدة في بعض الأجزاء. كما يُنصح باصطحاب مرشد محلي إذا كنت تخطط لاستكشاف المسارات الجبلية.

اليوم الرابع: شلالات زاوية إفران - الجمال الأمازيغي

الختام في غابات زاوية إفران

نختتم رحلتنا بزيارة  زاوية إفران، التي تقع على بعد حوالي 60 كيلومترًا من خنيفرة، في منطقة قريبة من واد إفران. تُعرف هذه المنطقة بجمالها الهادئ ومياهها الصافية التي تحيط بها التلال الخضراء. اسم "زاوية إفران" يعكس التراث الأمازيغي للمنطقة، حيث كانت مركزًا دينيًا وثقافيًا تاريخيًا.

تُعد زاوية يفران وجهة مثالية لإنهاء الرحلة بأجواء مريحة، حيث يمكنك الاستمتاع بالمناظر الطبيعية والتعرف على الحياة الريفية في القرى المجاورة. المنطقة غنية بالتراث الأمازيغي، ويمكنك زيارة الأسواق المحلية لشراء الحرف اليدوية مثل الزرابي أو العسل الجبلي.


 

أنشطة في  زاوية إفران

  • التنزه والتصوير: استمتع بالسير اسفل شلالات زاوية افران والتقاط صور للمناظر الطبيعية.

  • التعرف على الثقافة الأمازيغية: زر القرى القريبة للتعرف على العادات والتقاليد، وتذوق الأطباق المحلية مثل هر بل (حساء القمح).

  • ركوب الخيل: تتوفر في المنطقة جولات على ظهور الخيل تناسب العائلات.

  • زيارة المعالم القريبة: إذا سمح الوقت، قم بزيارة مدينة إفران القريبة لاستكشاف منتزهاتها وهندستها المعمارية الأوروبية.

نصيحة سياحية: أحضر معك وجبات خفيفة، حيث قد تكون خيارات الطعام محدودة بالقرب من الشالالات. كما يُفضل زيارة زاوية إفران في الصباح للاستمتاع بأشعة الشمس الدافئة.


 

لماذا زيارة إقليم خنيفرة؟

  • الطبيعة البكر: تضم خنيفرة بعضًا من أجمل المناظر الطبيعية في المغرب، مع بحيرات وغابات تجمع بين الهدوء والجمال.

  • التنوع البيولوجي: المنطقة غنية بالنباتات والحيوانات النادرة، مما يجعلها مثالية لعشاق الطبيعة.

  • التراث الأمازيغي: تقدم خنيفرة فرصة للتعرف على الثقافة الأمازيغية من خلال الأسواق، الأطعمة، والحرف التقليدية.

  • الأنشطة المتنوعة: من المشي والتخييم إلى التجديف وركوب الخيل، هناك شيء يناسب الجميع.

نصائح عملية للرحلة

  • أفضل وقت للزيارة: الربيع (مارس-مايو) والخريف (سبتمبر-نوفمبر) هما أفضل المواسم للاستمتاع بالطقس المعتدل والمناظر الخلابة.

  • التنقل: يُفضل استئجار سيارة دفع رباعي لسهولة التنقل بين المواقع، حيث قد تكون بعض الطرق غير معبدة. تتوفر أيضًا حافلات وحتى جولات سياحية منظمة من خنيفرة.

  • الإقامة: تتوفر فنادق وبيوت ضيافة في مدينة خنيفرة، مثل فندق الأطلس أو دور الضيافة التقليدية. لتجربة أكثر أصالة، جرب الإقامة في قرية ريفية.

  • التجهيزات: أحضر ملابس دافئة للمساء، أحذية مريحة للمشي، ومعدات تصوير لتوثيق الرحلة.

  • الطعام: جرب الأطباق المحلية في المطاعم الصغيرة بمدينة خنيفرة أو القرى القريبة من البحيرات، مثل طاجين اللحم بالبرقوق أو الخبز الأمازيغي.

  • السلامة: احترم الطبيعة بالحفاظ على نظافة المواقع، وتجنب السباحة في البحيرات إلا إذا كانت آمنة ومسموحة.


     

رحلة سياحية في إقليم خنيفرة هي مغامرة تأخذك إلى قلب الطبيعة المغربية، حيث تتدفق مياه عيون أم الربيع، وتتلألأ بحيرات أكلمام أزكزا، ويوان، وزاوية إفران تحت شمس الأطلس. تجمع هذه الوجهات بين الجمال الطبيعي، الهدوء، ولمسة من التراث الأمازيغي، مما يجعلها مثالية للعائلات، المغامرين، ومحبي التصوير على حد سواء. سواء كنت تبحث عن إثارة المشي في الجبال، أو استرخاء بجانب بحيرة هادئة، أو اكتشاف ثقافة محلية أصيلة، فإن خنيفرة تقدم لك كل ذلك وأكثر. فهل أنت مستعد لخوض هذه الرحلة الساحرة في جنة المياه المغربية؟

اشترك في قناتنا على اليوتيوب ❤ × +
ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلْعَٰلَمِين

إرسال تعليق

أحدث أقدم